Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
afoulay
23 octobre 2007

kahina

الكاهنة البربرية المجنونة في فيلم فرنسي

آمال موسى

انتهى مؤخرا المخرج الفرنسي كريس دولابورت من تصوير شريط سينمائي طويل حول شخصية الكاهنة البربرية، وهو فيلم تولى فيه المخرج كتابة السيناريو بنفسه، وتتميز مقاربة كريس دولابورت لشخصية الكاهنة البربرية بالتوقف عند كل ما اعتبره بطولة وتفردا، لذلك فقد وفر للكاهنة البربرية في شريطه كل أدوات العجائبية، وتلك المظاهر التي تحولها إلى بطلة مناضلة ومتمردة على المسكوت عنه، مع التركيز على مقاومة الكاهنة للفتح الإسلامي، وتمسكها بهويتها البربرية وبديانتها المسيحية.

تعامل كريس دولابورت مع الكاهنة البربرية كواحدة من صناع الحرية، وكضحية من ضحايا الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا، فكرس مهاراته الإخراجية لإبراز العظمة التي أراد ايصالها إلى الجمهور الفرنسي والأوروبي. وسيعرض فيلم «الكاهنة»، الذي شارك في كتابته طارق حمدين وألف موسيقاه فريد رسلان، قريبا في القاعات الفرنسية والتونسية.

ولكن من تكون الكاهنة البربرية؟

يتحدث الدكتور حسن مؤنس في كتابه تاريخ المغرب العربي عن الكاهنة، فيعرفها بأنها ملكة بربرية مسيحية العقيدة، عاشت في القرن الأول الهجري أي السابع الميلادي.

حين دخلت مسرح التاريخ كانت أرملة ومتقدمة في السن جدا، وتمنحها الأسطورة 127 سنة من العمر، قضت منها 35 سنة ملكة على الأوراس، ولقد كانت مجذوبة حيث تدخل في وقت الالهام في انفعال كبير، وتنفش شعرها وتضرب على صدرها. كما كانت تستخدم تقنيات أكثر كلاسيكية في ميدان الكهانة مثل قراءة المستقبل في الحصى. وكانت تدين بقسم كبير من نفوذها إلى مواهبها في التكهن وقد رفعت الكاهنة القفاز الذي ألقاه كسيلة. وفي مرحلة أولى تم لها النصر وسيطرت على جبال الأوراس بالجزائر. ولما جاء حسان بن النعمان لفتح شمال أفريقيا ونشر الإسلام في ربوعها، نجح هذا القائد في طرد القوات البيزنطية من تونس، وبالتحديد من قرطاج ثم توجه إلى قلعة المقاومة البربرية في جبال الأوراس الجزائرية وبعد أن جمع قواته على ضفاف «المسكيانة»، انطلق في الهجوم، وفعلت الكاهنة مثله وبعد أن دمرت بجاية عاصمة مملكتها أنذاك، ودارت المعركة الحاسمة على ضفتي وادي نيني، فإن المعركة انقلبت على حسان بن النعمان حتى أن الوادي الذي شهدها لم يسم لدى العرب ولمدة طويلة سوى «نهر البلاء» وعرفت هذه الحملة المشؤومة بالنسبة إلى حسان نهايتها في أرض قابس التونسية خلال معركة أخيرة ألقت بالقوات الإسلامية التي جاءت لنشر الدين الإسلامي خارج شمال أفريقيا. وتلقى حسان بن نعمان الأمر بالتوقف عن الانسحاب على أربع مراحل شرق طرابلس حيث أقام معسكره وبقي في الانتظار.

وبعد خمس سنوات من الانتظار عند قصور حسان في برقة وصلت حسان الإمدادات من دمشق، فتحرك نحو شمال أفريقيا سنة 1979 ميلادي الموافق لـ698 هجري وكانت أخبار أعمال التخريب التي تركتها الكاهنة تصل إليه وبدأت ريح الهزيمة تهب على الأوراس ووقع الصدام الأول في جهة قابس ولم يكن مواتيا للكاهنة وقد أصبحت واثقة من هلاكها، فتنصح أبناءها بتغيير المعسكر. في الوقت المناسب أسرعت هي نفسها وقد تعقبها حسان بن نعمان للجوء إلى جبال الأوراس ودارت المعركة الأخيرة في مكان يسمى طرفة وسقطت الكاهنة قتيلة بجانب بئر حمل اسمها لمدة طويلة. إن السؤال الذي يتبادر للذهن على أثر تصفح تفاصيل حياة الكاهنة البربرية، يتعلق بالدوافع التي أدت إلى اختيار الكاهنة كموضوع لشريط سينمائي فرنسي طويل وخاصة في هذه الفترة بالذات أي لماذا اختار شخصية عرفت بمقاومتها الشديدة للفتح الإسلامي. وإذا كان لا يحق لنا التساؤل عن أسباب اختيار أي موضوع كي يكون محوراً لعمل فني، فإنه قد تحق لنا قراءة رمزية الانبهار الكبير والإعجاب الشديد اللذين يكنهما المخرج للكاهنة البربرية، لا سيما أنه تعامل مع قراءتها للمستقبل عن طريق الحصى، كمظهر من مظاهر عبقريتها، وهو المخرج المنتمي إلى حضارة الأنوار والثقافة التي تستميت من أجل نشر قيم العلمانية!

Publicité
Publicité
Commentaires
afoulay
Publicité
Derniers commentaires
afoulay
Archives
Publicité